الفصل الثالث-3- الغواصات Submarnes

الفصل الثالث


 الغواصات        Submarines    


النجاح الذي حققته الغواصات في الحربين العالميتين الاولى والثانية وقد اثبتت انها وسائط مؤثرة للحرب في البحار العريضة ، ولتمتعها بميزة الاقتراب المتخفي من العدو ومهاجمته بصورة مباغتة ، وهكذا فقد دخلت تقريباً في عداد كل الاساطيل لمعظم الدول البحرية في الفترة الممتدة منذ نهاية الحرب لحد الان ، وقد تحسنت كثيراً الصفات التقنية – التكتيكية وقد تعاظمت القدرات القتالية لها بمقدار الضعف .



يمكن تقسيم الغواصات حالياً وحسب نوع الوقود المستخدم الى :-
1 - غواصات تسير بالطاقة النووية Nuclear – Powered  Submarine  ( SSN )   .
2 - غواصات ديزل/ كهرباء ( تقليدية ) 
Conventional -Diesel /Electric Submarine ( SSK )
                      
  وتقسم حسب الحجم الى غواصات :-
      - كبيرة ( تتجاوز 5000 طن ) .
      - متوسطة ( 1500 – 4000 طن ) .
      - صغيرة ( 1000 – 1500 طن ) .
وهناك غواصات فائقة الصغر يطلق عليها غواصات الميني او الجيب Midget ، Pocket، والتي 
 تقل ازاحتها عن  100 طن.

كذلك تقسم الغواصات من حيث بيئة العمل الى:
-غواصات محيطية و هي الغواصات التي يمكنها العمل بالمحيطات المفتوحة و تصل الى أعماق أكبر و مديات أطول و تجهز بقدرات معيشية أفضل.
- غواصات البحار المفتوحة و التي لديها القدرة على الأبحار في المياه المفتوحة بعيدا عن السواحل الصديقة.
- الغواصات الساحلية و هي الغواصات الصغيرة التي تعمل قرب السواحل و مجهزة للعمل بالمياه الضحلة  و تكون مدياتها صغيرة.

وحسب تسليح الغواصات تقسم الى :-
- غواصات تقليدية الطوربيد – الالغام   (SSK)  .
- غواصات تقليدية الطوربيد / مقذوفات موجهة – الغام (SSKG)  .
                  -غواصات تقليدية الطوربيد / حاملة مقذوفات بالستية (SSKB). 
- غواصات ستراتجية نووية حاملة للمقذوفات البالستية المتعددة الرؤوس النوويـــة (SSBN) Nuclear-Powered Ballistic Missile Submarine.
- غواصات نووية صائدة للغواصات Hunter  Killer(SSN)  .
- غواصات نووية/ تقليدية حاملة للمقذوفات الجوالة ذات رؤوس تقليديــة / نوويـــــة (SSG) / (SSNG)  .
- غواصات خاصة لمهام الاستطلاع والمهمات الخاصة ( التخريب والكومانـدوس ) ، النقل والتجهيز والتموين والانقاذ والاتصالات والابحاث الخ...



يتم تصنيع الغواصة على العموم من بدن مزدوج حيث يحتوي بدن الضغط الداخلي على حجرات الطاقم والآلات بينما يستوعب البدن الخارجي ويعطيها الشكل الانسيابي فيما يتم الاستفادة من الحيز بين البدن الخارجي كخزانات للماء وكذلك الوقود ولملئها بالماء عند الغوص وافراغها عند الطفو بواسطة المضخات القوية والسريعة لغرض اعطاء الغواصة القدرة على الغوص والطفو السريع .

تسير غواصات الديزل – الكهرباء ( التقليدية ) بمحرك الديزل على السطح او السير تحت السطح بعمق البيروسكوب – الغواصة تحت مستوى البحر والبيروسكوب فوق سطح البحر باستخدام الشنوركل Snorkel  الذي يوفر الهواء اللازم لمحركات الديزل – الاحتراق الداخلي - ، وتستخدم محركات الكهرباء / البطاريات في اثناء السير تحت الماء  في حين ان الغواصات التي تسير بالطاقة النووية تستخدم الطاقة النووية للسير على السطح : وتحت السطح على السواء ، ان ادخال الطاقة النووية احدث ثورة في عالم استخدام الغواصات حيث انها زادت من الامكانيات القتالية والمناورة للغواصة مما جعل الغواصات النووية قادرة على قطع مسافات شاسعة دون الحاجة لاعادة التزود بالوقود ، وكذلك القدرة على السير تحت الماء بسرعة تفوق سرعة معظم سفن السطح مع امكانية البقاء في اعماق البحار لمدة طويلة دون الحاجة للطفو لاعادة ملئ وشحن بطارياتها كما في الغواصات التقليدية ويعتمد بقاء الغواصات النووية ومكوثها تحت سطح البحر على قدرة بحارتها على التحمل وتوفر الظروف النفسية و المعيشية المناسبة لهم  وفي العادة يوجد طاقمين لكل غواصة نووية يتم أستبدالهم بالتعاقب.


                

      عملية أستنشاق الهواء بواسطة المشناق أو الشنوركل و الغواصة في وضع الغوص. 



                 تمتلك الغواصات النووية الستراتيجية قدرة تحمل هجومية عالية توفرها لها مقذوفاتها البالستية التي تحمل عدداً من الرؤوس النووية المستقلة القادرة على توجيه ضربات نووية لعدة اهداف معادية في آن واحد ، ولمديات بعيدة ، تتراوح حمولة الغواصات النووية من المقذوفات البالستية من 12 – 24 صاروخاً مستقلاً .




يراعى في تصميم الغواصة على العموم الوصول الى اعماق بعيدة وحسب نوع ومهام الغواصة بالاضافة الى طبيعة منطقة الابحار المتوقع ان تخدم فيها ، ويعتمد عمق الغوص على متانة وتحمل جسم الغواصة للضغط الهيدروستاتيكي - ضغط عمود الماء – وهناك ثلاثة اعماق للغوص متعارف عليها ، العمق العملي Operation  Depth   ، العمق المحدد Depth Test، العمق النظري او الحسابي Calculation Test .

العمق العملي هو العمق الذي يمكن للغواصة الوصول اليه والمكوث فيه دون أي تحديدات ، العمق المحدد هو العمق الذي يزيد بنسبة 20 % عن عمق الغوص العملي ، اما العمق الحسابي / النظري ، فهو العمق الذي جرى حسابه اثناء التصميم وبناء الغواصة ويمكن للغواصة الوصول اليه رغم حدوث بعض التشوهات في بدنها ولكن بشكل عام لا تشكل خطورة كبيرة على الغواصة وحياة طاقمها ، ان العمق العملي لغواصات ديزل – كهــرباء ( التقليدية ) يزيد عن 300 م ، والغواصات النووية يزيد عن 650 م ، وقد يصل الى 1000 م ( هناك معلومات تشير الى ان الغواصات المصنوعة من معدن االتيتانيوم قادرة على الغوص لعمق 1000 م ) ، ان الاتجاه العام في تطور بناء الغواصات هو في زيادة عمق الغوص على العموم ، غير ان القوى البحرية التي تقع على المياه الضيقة والضحلة نسبياً – غير مهتمة بهذه الناحية .

ويجري اهتمام بالغ عند تصنيع الغواصات في تقليل الضجيج الناتج من محركات الديزل – كهرباء وعمل معداتها واجهزتها الاخرى حيث يؤخذ بنظر الاعتبار تصنيع هيكل الغواصة بانسيابية عالية وتقليل الاجزاء الناتئة او تصغير حجمها وتقليل عدد الكوات في هيكلها والاستغناء عن الالتواءات والنتوءات لكي يصدر عنها أقل ما يمكن من الضجيج وتستعمل مواد كاتمة في اكساء الاجزاء الداخلية فيها لامتصاص الاصوات الداخلية ، كما تطلى ابدان الغواصات من الخارج بمواد مانعة لانعكاس الصوت او تقلل من الانعكاس او تغطى بمواد عازلة ويراعى نفس الشيء فيما يخص الغواصات النووية ، غير ان المفاعل النووي المستخدم لتسير الغواصات النووية خالي من الضجيج وهو هادئ تماماً ، ان سرية الابحار الذي تتمتع به الغواصة كأهم صفة تكتيكية يتم بالسير تحت الماء حيث انها مجهزة بأحدث الاجهزة لتتبع الظروف الهيدرولية لمنطقة الابحار ، ومن خلال التوصل الى اقل مستوى من الضجيج والقضاء او تخفيض المجال الفيزيائي بشكل كبير ، هذه الصفات تجعل من الغواصة قادرة على اداء واجباتها بشكل غير " مسموع " وغير " مرئي " لحد ما ، وهي قادرة بذلك على اختراق عمق الدفاعات المعادية لتحطيم التفوق الذي تتمتع به في منطقة العمل وتقيد وسائل وقوة الدفاع المضاد للغواصات والقيام بالضربة المفاجئة نحو اهداف على البحر والبر .

كذلك تبذل جهود كبيرة لزيادة مدى مكوث الغواصات التقليدية ( ديزل - كهرباء ) تحت الماء ، من خلال تحسين وادخال تقنيات حديثة في تصميم محركات الاحتراق الداخلي وزيادة مدى البطاريات وتحسين نوعية الوقود ويبلغ مدى مكوث الغواصة التقليدية تحت الماء الى 100 ساعة والسير بالسرعة الاقتصادية فيما يبلغ مدى الغواصة بالسير بمحركاتـــها ( ديزل ) وهي طافية نحو 10000 كم او نحو 5 أيام.
وفي هذا الجانب توصلت معظم الشركات العالمية لبناء الغواصات التقليدية ديزل/ كهرباء الى تصميم تقنيات و منظومات توليد للطاقة مساعدة بأستخدام تكنولوجيا متطورة تحرر الغواصات التقليدية بشكل عام من الأعتماد على الأوكسجين الجوي كمنظومات مساعدة لزيادة مدى البقاء تحت سطح الماء و تقربها من ميزة الغوص الطويل الذي تمتلكه الغواصات النووية، و هذه المنظومات تعرف بتسميات وتقنيات مختلفة مستخدمة فيها وهي بشكل عام يطلق عليها منظومات الدفع بالهواء المستقل
(Air-independent propulsion (AIP.

تصل سرعة بعض الغواصات النووية الى نحو 50 عقدة وهي غاطسه وهذه السرعة تتعدى سرعة اسرع سفن السطح حيث تعطيها ميزة الهجوم المباغت والسريع والقدرة على التهرب والانفلات من سفن السطح المعقبة لها وكذلك الخروج السريع من مدى تأثير الاسلحة المضادة ، اما الغواصات التقليدية فتزيد سرعة بعض الانواع الحديثة منها عن 18 عقدة وهي غاطسه ، ولكنها محدودة بفترة قصيرة من ساعة واحدة الى ساعتين وحسب قوة بطاريات توليد الطاقة الكهربائية الموجودة في الغواصة والتي تعتمد عليها في تزويد الغواصة بالطاقة اللازمة للسير تحت الماء .



تبلغ مدة دورة الغواصة النووية 90 يوماً في المعدل تقضي ثلثيها في البحر والثلث الباقي في القاعدة استعداداً لدورية قتالية لاحقة ، وعادة يكون لكل غواصة نووية طاقمين ( للأمريكان طاقم ذهبي و طاقم أزرق) يتم استبدالهما بالتعاقب لغرض ابقاء الغواصة في حالة عمل دائم .
تسلح الغواصات التقليدية بطوربيدات موجهة بالسلك او ذاتية التوجيه من عيارات 533 ملم او أو اكثر مع امكانية اطلاق مقذوفات مضادة للسفن / الغواصات مثل ( سي هاربون Sea Harpoon  ، اكزوزية Exocet  / او السوفيتية سابقا الروسية حاليا ((SS-N-25 'Switchblade'/ Kh-35 (3M-24) او غيرها من خلال فوهة الطوربيد وخاصة الطرازات الحديثة منها ، فيما تسلح الغواصات النووية الصائدة Hunter Killer  عادة بنفس الاسلحة أي الطوربيدات الموجهة ومقذوفات مضادة للسفن / الغواصات مع امكانية بث الالغام لكلا النوعين .



تظل الغواصات الصائدة Hunter Killer النووية السلاح الافضل لمهاجمة ومحاربة الغواصات النووية المعادية وذلك لما تمتاز به من صفات ملاحية تشكل خطراً على بقية الغواصات فهي تمتلك سرعة عالية تحت الماء تصل الى 45 عقدة عند بعض أنواع هذه الغواصات ، وامكانية غوص عميقة تصل الى ما يزيد عن 600 م بالمعدل وامكانية اطلاق مقذوفات موجهة مضادة للغواصات تحت الماء هذه الصفات تجعلها فعلاً قاتل خطر للغواصات النووية المعادية وقد ظهر في الفترة الاخيرة نوع من الغواصات النووية SSNG  حاملة لمقذوفات مجنحة جوالة Cruise Missile  بالاساس مضادة للسفن تم تطويرها الى ضرب اهداف برية برؤوس تقليدية / نووية ، استخدمت منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 الغواصات الامريكية / البريطانية لاطلاق مقذوفات " توماهوك " BGM – 109 Tomahawk  الجوالة ضد اهداف " نقطوية عالية القيمة " في كلا من العراق والبوسنة والسودان وافغانستان و يوغسلافيا و سوريا وهذه الغواصات اصبحت تمتلك قدرة تكتيكية واستراتيجية من خلال قدرتها على اطلاق هذه المقذوفات بمديات تصل الى 1000 كم برؤوس تقليدية ضد اهداف نقطوية مؤثرة او برؤوس نووية بمديات تصل الى 3700 كم ، و أستخدمت روسيا الغواصات لاطلاق مقذوفات جوالة SS-N-27 Sizzler/3M14K والمعروفة ب Kalibr ضد أهداف في الرقة و تدمر السورية منذ عام 2015 و اتي كانت تحت سيطرة ما يطلق عليها الدولة الأسلامية -داعش- وعموما فأن سياسة التدخل العسكري وفرض الامر الواقع بالقوة الذي تبديه بعض القوى الكبرى أوما تطلق عليها الحرب ضد الارهاب حالياً بعد انهيار الحرب الباردة ستجد استخدام اوسع لهذا النوع من الغواصات الحاملة للمقذوفات الجوالة المجنحة ذات الرؤوس التقليدية ، وربما ستدفع البحريات الكبرى لبناء وامتلاك غواصات مصممة خصيصاً لحمل هذا السلاح من المستقبل القريب او تحويل غواصاتها النووية الحاملة للمقذوفات البالستية الى غواصات حاملة لهذه المقذوفات (حولت الولايات المتحدة أربعة غواصات بالستية لحمل مقذفات جوالة بدلا عن المقذوفات البالستية في صوامعها و تحمل كل غواصة 154 صاروخ كروز جاهز للآطلاق) . كذلك من المتوقع أن يجري بشكل كبير تجهيز الغواصات مستقبلا" بأنظمة أطلاق عمودية لأطلاق مقذوفات جوالة تكتيكية و خاصة الغواصات التقليدية الديزل/كهرباء بعد أن جهزت الغواصات النووية بهذه المنظومات.


                                  أطلاق صاروخ كروز من أحدى الغواصات الأمريكية من خلال بيرسكوب غواصة آخرى  


ويلاحظ في الآونة الأخيرة الاتجاه نحو زيادة حجم الغواصات النووية او التقليدية ونحو بناء غواصات ضخمة جداً ، حيث تصل ازاحة الغواصة الروسية / السوفيتية سابقاً تايفون Typhoon إلى نحو 35 الف طن فيما يبلغ طولها نحو 170 م وعرضها 25 م وارتفاعها 13 م ، فيما تبلغ الغواصة طراز Ohio ما يزيد عن 18 الف طن ويبلغ طولها 170 م وعرضها 12 م وارتفاعها 10.8 م ، غير ان الدول الواقعة على البحار الضحلة والضيقة والخلجان تبني غواصات متوسطة او صغيرة بما يساعد على اداء مهامها في تلك المناطق بشكل أنجع .

كما يراعى من بناء الغواصات تزويدها بأحدث الاجهزة والمستشعرات واجهزة القيادة والسيطرة والاتصالات المتطورة وزيادة االاتمتة فيها وتقليص طاقمها الى الحد الادنى مع زيادة وتحسين طبيعة المعيشة داخل الغواصة .


و في الأتجاه العام ينتظر ان تشهد العقود القادمة تطورا" كبيرا في أستخدام الغواصات القليدية بشكل خاص من خلال زيادة القدرة العملياتية للغواصات في مجال تسليحها الذي سيشمل المقذوفات الجوالة البعيدة المدى Cruise Missile التي قد تطلق من منصات عمودية أو من خلال فتحات أنابيب الطوربيد و ربما سيكون السلاح الرئيسي للغواصات هي هذه المقذوفات بدلا" من الطوربيد الذي كان و لا يزال السلاح الرئيسي للغواصات منذ البداية ، و من المتوقع أستخدام أوسع للمركبات الغائصة التي تدار عن بعد أو الروبوت سواء كانت Unmanned Underwater Vehicle-UUV /Autonomous underwater vehicle-AUV في مختلف واجبات الغواصات المستقبلية. كذلك ينتظر ان يتطور أستخدام منظومات الدفع بالهواء المستقل (Air-independent propulsion (AIP لتكون هي سمة القدرة التشغيلية للغواصات الغير نووية الدفع -التقليدية- اضافة الى توقع ان يزداد عدد البحريات التي تمتلك غواصات من هذا النوع و بشكل عام قد يزداد عدد الدول التي تشغل أو تمتلك غواصات في بحرياتها . في نادي مشغلي الغواصات هناك ست دول تشغل غواصات نووية ( الولايات المتحدة ، روسيا ، فرنسا ، المملكة المتحدة ، الصين و الهند) و 38 دولة تشغل غواصات تقليدية (ديزل-كهرباء) منهم دولتين نوويتين روسيا و الصين حاليا بالأضافة الى دولتين عربيتين هما مصر و الجزائر. فيما ينتظر ان تلحق تايلند بهذه الدول بالمستقبل القريب و من المحتمل دول آخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الرابع- حاملات الطائرات التقليدية الهجومية-Admiral Kuznetsov class

حاملات   الطائرات الهجومية التقليدية و التي   تسير بالطاقة التقليدية -Conventionally-powered  Attack   A ircraft carriers :-  ...